الحماية الدولية للمقاتلين في زمن النزاعات المسلحة

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ القانون الدولي العام المساعد کلية الشرق العربي للدراسات العليا – الرياض

المستخلص

إن البشرية عبر تاريخها الطويل لم تسلم من ويلات النزاعات المسلحة وما تخلفه من دمار وآلام لبني البشر. وعلى الرغم من تجريم ميثاق الأمم المتحدةاللجوء إلى القوة في مجال العلاقات الدولية وعدم إجازتها إلا في أحوال محددة, کالدفاع الشرعي أو لحفظ السلم والأمن الدوليين. إلا أن هذا المنع القانوني لم يؤد إلى اختفاء أو تقليل النزاعات المسلحة. لهذا اتجه المجتمع الدولي إلى محاولة التقليل من هذه الخسائر الفادحة في الأرواح والأعيان أثناء النزاعات المسلحة.
فعمل القانون الدولي الإنساني على التخفيف من حدة الآثار المدمرة الناجمة عن النزاعات المسلحة. فحماية ضحايا أي نزاع مسلح يشکل الغاية النهائية التي يطمح إلـى تحقيقها القانون الدولي الإنساني, وذلک بغض النظر عن أسباب النزاع ودوافعه.
وتکمن المشکلة في أن المقاتلين هم أول فئة تتعرض للخطر المباشر أثناء النزاعات المسلحة, لذا اهتم القانون الدولي الإنساني بهذه الفئة اهتماماً کبيراً لحمايتهم والتخفيف من آلامهم ورعايتهم. فقرر لهم مجموعة من الضمانات سواء بمقتضى العرف الدولي أو الاتفاقيات الدولية أو المبادئ العامة للقانون وغيرها. وألزم أطراف النزاع باحترام أحکام الحماية التي يقررها القانون الدولي الإنساني للمقاتلين حتي لا يترتب على انتهاکها قيام مسئوليتهم.
ويلاحظ أن قواعد الحماية للمقاتلين في القانون الدولي الإنساني هي الحد الأدنى من الحماية الواجب مراعاتها. فلا يوجد ما يمنع أن يتفق أطراف النزاع على منح حقوق أکثر مما تمنحه قواعد القانون الدولي الإنساني. کما لا يجوز أن يتنازل المقاتل أو تتنازل دولته عن هذه الحقوق, وفي حالة حدوث هذا التنازل فلا يعتد به.