السبب في قرارات الضبط الإداري ومدى الرقابة القضائية عليه

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

دکتوراه في القانون العام

المستخلص

يعرِّف الدکتور سليمان الطماوي الضبط الإداري بأنه:" حق الإدارة في أن تفرض على الأفراد قيوداً تحد بها من حرياتهم بقصد حماية النظام العام "([1]).
کما يعرِّفه الدکتور طعيمة الجرف بأنه:" مجموعة ما تفرضه السلطة العامة من أوامر ونواه وتوجيهات ملزمة للأفراد، بغرض تنظيم حرياتهم العامة، أو بمناسبة ممارستهم لنشاط معين، بهدف صيانة النظام العام في المجتمع"([2]).
ويعرِّف الدکتور زين العابدين برکات النظام العام بأنه يعني:" المحافظة على الأمن العام والراحة العامة والسلامة العامة، وعلى ذلک يدخل ضمن أغراض الضابطة الإدارية کلما دعت الضرورة المحافظة على النظام العام "([3]).
وتعد وظيفة الضبط الإداري ضرورةً لازمةً لتحقيق الاستقرار الاجتماعي، وصيانة نظم الحياة الاجتماعية والمحافظة عليها، وبدون قيام الإدارة العامة بهذه الوظيفة تعمّ الفوضى وتتصادم إرادات الأفراد ومصالح أثناء ممارستهم لحرياتهم، وهو ما يؤدي إلى اختلال التوازن في المجتمع، ومن هنا يأتي الارتباط الوثيق بين وظيفة الضبط الإداري وحرية الأفراد.
ولئن کان من واجب الإدارة العامة أن تقوم بوظيفة الضبط الإداري للمحافظة على النظام العام في المجتمع، أو إعادة هذا النظام إلى حالته الطبيعية في حالة اضطرابه أو اختلاله، أي وقاية النظام العام من الاضطراب والفوضى، والمحافظة على استقرار نظام المجتمع، فإن على رجل الإدارة عندما يتخذ القرارات المتعلقة بالضبط الإداري أن يستند إلى أسباب واقعية وقانونية سليمة.
ولما کان القضاء هو الحارس لحقوق وحريات الأفراد، لذلک فإنه ينهض بواجب الرقابة على قرارات الضبط الإداري، لمنع الإدارة العامة من الانحراف بالسلطة التي تتمتع بها، أو الاعتداء على حقوق وحريات الأفراد، وقد فرض القضاء الإداري رقابة صارمة على أعمال الضبط الإداري لسببين، الأول: أن أعمال الضبط الإداري لها ارتباط وثيق بحريات الأفراد، والثاني هو أن سلطات الضبط الإداري تتمتع بسلطة تقديرية واسعة في اتخاذ قرارات الضبط الإداري ([4])، ولما کانت سلطات الضبط الإداري تتخذ قراراتها استناداً على قيام سبب الإخلال بالنظام العام بغية المحافظة عليه، لذلک فإن القضاء الإداري يمارس رقابته للتحقق من وجود إخلال بالنظام العام أو تهديد به من الناحية الواقعية، فهو يتأکد من صحة الوجود المادي للوقائع التي تستند إليها الإدارة العامة، ويقوم بفحص سلامة التکييف القانوني لها، ويفحص مدى التناسب بين الخطر الذي يهدد النظام العام وبين إجراءات الضبط التي اتخذتها الإدارة([5]).