تدويل إجراءات وضع القانون : تقييد أم تمکين السلطة التنفيذية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المستخلص

ثمة من يذهب من الفقهاء إلى أن العولمة globalization وبزوغ الأنظمة ذات الصبغة الدولية international regimes قد أسهمتا في تقييد السلطة التنفيذية وتقويض سيادة الدولة. وإذا کان بعض الفقه يرحب بهذه الظاهرة، فإن هناک من يستنکرها ويشجبها. وسنحاول، فيما يلي، القفز على ازدواجية الوطني والدولي the national/international dichotomy في محاولة لتبين أثر العولمة على السلطة التنفيذية.
        ويشير تعبير تدويل إجراءات وضع القانون  internationalization of lawmaking processes ، بصورة موسعة، إلى ذلک السياق الجديد الذي تتم فيه عملية صياغة القرارات العامة في إطار مستويات متعددة: دولية، فوق وطنية، عابرة للحدود الوطنيةinter-, supra-, and trans-national spheres. وإذا کان يمکن القول إن العولمة قد أدت، بصفة عامة، إلى تقييد سلطة الدولة ککل، فإن تدويل إجراءات وضع القانون قد أسفر- إذا تم الترکيز على الفروع المکونة للدولة: التشريعية، والتنفيذية، والقضائية- عن تقوية للسلطة التنفيذية، في الأنظمة المقارنة، على حساب الاستقلال التشريعي في وضع السياسات.
        وتکشف هذه الدراسة عن أن بزوغ العولمة وانتشار القانون الدولي في أشکال متعددة قد استمرا، لاسيما منذ الحرب العالمية الثانية، في تشکيل تحد للمفهوم التقليدي للسيادة، باعتبارها سلطة الدولة النهائية، واللامحدودة، وغير القابلة للتجزئة، في أن تحکم إقليمًا معينًا دون أي تدخلات خارجية([1]). على أن الأمر لا يتعلق هنا بمجرد فقدان الدولة لسيادتها، واکتساب هذه السيادة من جانب أنظمة دولية متمايزة([2]). ولکن الأمر يتعلق، بالأحرى، بضرورة تبني الدولة لأشکال جديدة لممارسة وظائفها، لاسيما لدى تعاونها مع السلطات الأجنبية والفاعلين أو الجهات الخاصة private actors، ويبين مما سبق، أن سلطة الدولة قد خضعت للتجزئة fragmentation، وأنها أضحت تُمارس في مجالات أو مستويات متعددة.