السياسة الشرعية فى التحفظ على المعاهدات فى القانون الدولى وأحکام الشريعة الإسلامية المملکة العربية السعودية نموذجاً

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

جامعة الملک عبد العزيز

المستخلص

فإن الشريعة الإسلامية التي جاء بها الدين الإسلامي تعتبر منهج شامل ينظم حياة الناس في کل زمان ومکان ، وفي مختلف القضايا والشؤون من حيث تنظيم العلاقة الإنسانية بالخالق جل وعلا ، وعلاقة الإنسان مع نفسه ، وعلاقته بغيره ، وعلاقة الأفراد ببعضهم البعض ، وعلاقتهم بالدولة ونظام الحکم وبالمجتمع الدولي ، کما أنه ينظم علاقة الدولة بغيرها من الدول في أحوال السلم والحرب ، ففي التشريع الإسلامي العديد من الأنظمة التي يعالج کل واحد منها جانباً من جوانب الحياة ، ومن الأنظمة التي أعددنا بحثنا هذا تتعلق بالمعاهدات الدولية والتحفظ على المعاهدات في القانون الدولي وأحکام الشريعة الإسلامية .
ومن المعلوم في علم الشرائع والقوانين أن المعاهدات تعد الأداة الطبيعية التي تنظم العلاقات بين الدول والأنظمة السياسية ، وهو إجراء قديم لجأت وتلجأ إليه الدول في تنظيم علاقاتها . والدولة الإسلامية ممثلة في رسولها r لها السبق في بناء قواعد وتشريعات في العلاقات الدولية ، وقد قام فقهاء المسلمين في النهل من تلک القواعد النبوية فأسسوا للقانون الدولي ولفقه القواعد والعلاقات في ميدان التجارة منذ احتکاکهم بالغرب ، فيعتبر ميدان التجارة الخارجية والتجارة الدولية بين المسلمين وغيرهم للأئمة والفقهاء الدور الريادي فيها ، فمن هؤلاء الأعلام الفقيه محمد بن الحسن الشيباني
(ت 189هـ/804م) تلميذ أبي حنيفة الذي وضع قواعد للعلاقات الخارجية للدولة الإسلامية([1]) .  إن عصره وعصور الأئمة بعده تؤکد تطور الفقه الإسلامي وازدهاره في مجال العلاقات الدولية . ولما کانت المعاهدات البوابة الرئيسة للعلاقات ، وأن الدول على وجه العموم والدولة الإسلامية على وجه الخصوص في حاجة إلى استمرارية إبرام المعاهدات الدولية ، وقد ترى عند إبرامها أن هناک نصوص قد لا توافق أحکام الشريعة الإسلامية أو تتعارض معها ، فيکون الحل هو المتمثل في تحفظ الدولة الإسلامية على النصوص التي تتعارض مع أحکام الشريعة الإسلامية : الکتاب الکريم ، والسُنة النبوية المشرفة ، وقواعد السياسة الشرعية التي هي أساس دعائم نظام الحکم في الإسلام وسيادة الشرعية الدولية



[1] ) انظر : نحو منظور إسلامي معاصر للعلاقات الدولية . جمال عطية : ص12 ؛ وراجع فلسفة التشريع الإسلامي : ص255 ؛ القانون الدولي والعلاقات الدولية : ص43 ؛ قواعد العلاقات الدولية في القانون الدولي والشريعة الإسلامية : ص33  .