اقتصاديات الأمن السيبراني في القطاع المصرفي

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس الاقتصاد والمالية العامة بالمعهد المصرى لأکاديمية الاسکندرية للإدارة والمحاسبة

المستخلص

تعتبر الصيرفة الإلکترونية جانبا هاما من جوانب التجديد في القطاع المصرفي، في خضم عديد التحديات التي يفرضها الاندماج في الاقتصاد العالمي على هذا القطاع الاقتصادي الهام، خصوصا و أن من أبرز ملامح المرحلة الراهنة المنافسة الشديدة المستفيدة من آخر ثمار تکنولوجيا الإعلام و الإتصال، قد طرأت على الساحة المصرفية تغيرات متلاحقة و بإيقاع متسارع على نحو بات معه الشکل التقليدي للبنوک محل تهديد، و قد أصبحت الأعمال التي تقوم بها البنوک على درجة کبيرة من التعقيد و بصورة غير مسبقة تستلزم الاهتمام أکثر بقضية إدارة المخاطر، حيث أن القطاع المالي -ضمنيا المصرفي- من أکثر القطاعات الاقتصادية تعرضا للمخاطر، لاسيما المخاطر المستقبلية منها، و من هنا ازداد الوعي بأهمية سلامة النظام المصرفي واستقراره بعد أن أکدت البحوث الاقتصادية أنهما يعتبران شرطا أساسيا لتحقيق التخصيص الأفضل للموارد المالية في الاقتصاد، وذلک بترقية ممارسات إدارة المخاطر لدى البنوک.
منذ ربع القرن الماضى، برزت أعمال لجنة بازل الدولية اتجاه مجتمع الأعمال المصرفية بمقترحات يمکن أن يقال عنها معايير دولية، إن لم تکن ملزمة قانونيا أو تنظيميا إلا أن هذه الهيئة تحظى بالقيمة الأدبية المعنوية ، حيث تستهدف هذه اللجنة بأعمالها: ترقية ممارسات البنوک إزاء المخاطر، حماية حقوق المودعين وتحقيق الاستقرار في المنظومة المصرفية وتطهيرها من المنافسة غير الشريفة الناتجة عن فوارق في الإشراف على البنوک بين الدول. فکانت من أبرز جهود اللجنة لخدمة الصناعة المصرفية اتفاقية بازلI عام 1988 واتفاقية بازلII عام 2004، على غرار توصيات أصدرتها اللجنة منذ نشأتها لتوضيح أطر أو للتعبير عن رأيها في مسائل جاثمة في تلک الفترة، أيضا انشغالها بالمخاطر التي تکتنف من يزاول أنشطة البنوک الإلکترونية بما أضحت تخلفه من آثار وخيمة على استقرار النظام المالي و صلابته، فأصدرت جملة من المعايير للرقابة المصرفية إلى سلطات الرقابة في أصقاع العالم من أجل الاسترشاد بها في وضع قواعد احترازية بصددها.
يشهد قطاع الخدمات المالية هجمات سيبرانية تفوق القطاعات الأخرى بنسبة 65 % وفق تقديرات البنک الدولى ، وقد تصل تکلفة الهجمات السيبرانية في قطاع الخدمات المالية إلى ما يقدر بنحو 270 إلى 350 مليار دولار سنوياً حال اتساع نطاق انتشارها وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي الامر الذى دفع المصارف المرکزية العربية إلى تشديد التعليمات الرقابية والتى تُلزم المصارف بوضع لائحة من التعليمات لتأمين التطبيقات الإلکترونية، ومن أهمها تثبيت برامج الحماية ضد الاختراق.([1])
ومع استمرار تقنيات المعلومات والاتصالات في الابتکار في إيجاد وتقديم طرق جديدة للوصول إلى العملاء، فإن تلک المؤسسات تتعرض في الوقت نفسه لمخاطر جديدة. حيث أن الاستخدام الضار لتقنية المعلومات والاتصالات يمکن أن يؤدي إلى تعطيل الخدمات المالية الضرورية للأنظمة المالية الوطنية والدولية، وتقويض الأمن والثقة، وتعريض الاستقرار المالي للخطر. إن الهجمات السيبرانية تشکل تهديدًا للنظام المالي بأکمله، وهي حقيقة تؤکدها التقارير الصادرة في هذا الشأن على المستوى الدولي والإقليمي والمحلي. 
 فقد بلغت نسبة العملاء الذين عانوا من الهجمات السيبرانية خلال عام 2016 نحو65 %، بنسبة زيادة قدرها حوالي 29 % مقارنة بالعام السابق وذلک وفقاً للتقرير الصادر عن البنک الدولي في هذا الشأن. نتيجة لذلک، واعترافاً بالتهديدات الناجمة عن المخاطر السيبرانية، ومدى أهمية تعزيز قدرة الأجهزة المصرفية على تحمل هذه المخاطر والتحوط منها، فقد اتخذت السلطات الرقابية على مستوى العالم خطوات تنظيمية وإشرافية تهدف إلى تجنب أثر تلک المخاطر السيبرانية على المصارف. في هذا الصدد قامت المصارف المرکزية العربية بإصدار التعليمات المصرفية التي تحث فيها البنوک على تعزيز قدراتها لمواجهة تلک الهجمات الإلکترونية.