تعدُّ مسألة الديون التجاريَّة، من أهمِّ وأخطرِ المسائل التي تُصادف المؤسَّسات التجاريَّة، فهي من أهم العوامل التي تؤدِّي في النهايةِ إلى تعثُّرها وإفلاسها، وتعرُّضها لخطرِ التصفيةِ والحجز على ممتلكاتها العينيَّة والمنقولة. إذْ إنَّ المعاملات التجاريَّة تفرضُ على المؤسَّساتِ في غالبِ الأحيان التسليم العاجل مع الوفاء الآجل، وهي في سبيل ذلك تُحرِّر لزبائنها فواتير مؤجَّلة الدفع. ثم بعد ذلك تكون أمام مجموعة من الإخطار؛ أدناها نقص السيولة الماليَّة بسبب تأجيل تاريخ الوفاء، وأخطرها رفض المدين الوفاء عند حلول أجله، أو وقوعِه في حالةِ إفلاس وتصفية قضائيَّة لأمواله، ممَّا يجعل الدائن في حالة مزاحمة مع دائنين آخرين، قد يساوونه في المرتبة، أو يفوقونه. لتفادي مثل هذه الإخطار؛ تلجأ المؤسَّسات الاقتصاديِّة والتجاريَّة للبحث عن مصادرِ تمويلٍ لإعادةِ دورتها الإنتاجية، وتقليص نسبة العجز الماليِّ المُعلَّق بالفواتير المؤجلة، وذلك من خلالِ اللجوءِ إلى البنوكِ والمؤسَّسات الماليَّة، بغية الحصول على قروض قصيرة أو متوسطة المدى. غير أنَّ حل اللجوء إلى الاقتراض، لم يُساهم في حلِّ مُشكلة التوازن الماليِّ للمؤسَّسات الاقتصاديِّة، وإنَّما لعب دور المسكن الظرفي فقط؛ ذلك أنَّ اللجوء إلى الاقتراض البنكي، عادةً ما يضع تكاليف وأعباء إضافية على عاتقِ هذه المؤسَّسات، تتمثَّل في الفوائدِ والعمولات الباهظة التي يطلبها البنك من جهة، والإجراءات الطويلة والمُشدَّدة التي تفرضها المؤسَّسات الماليَّة من جهةٍ أُخرى.