تنفيذ الأحکام الجنائية الدولية ومعوقاتها.

إن تنفيذ الأحکام الجنائية من المواضيع المهمة، التي حظيت بعناية الکتاب والباحثين في الميدان القانوني الجنائي، وتبدو أهميته في سياق الحديث عن وسائل التعاون الدولي في تنفيذ هذه الأحکام، والآليات المتبعة، والجهات المختصة بإصدار هذه الأحکام، ووسائلها في هذا الصدد. ومن أهم المؤسسات أو المنظمات الدولية التي اضطلعت بهذا الدور المحکمة الدولية الجنائية التي أقرها نظام روما، الذي دخل حيز النفاذ في الأول من تموز من عام 2002م، التي وضعت تنفيذ الأحکام الجنائية موضع التطبيق العلمي؛ مما اقتضى تضافر الجهود الدولية لتحقيق التعاون من أجل تنفيذ الحکم الجنائية الصادرة. وهذا يعني أن العدالة الجنائية لم تعد قاصرة على الحدود الوطنية أو الإقليمية بل تعدته إلى نطاق أوسع، وهو النطاق الدولي الذي تجسدت فيه ملامح منظومة العدالة الدولية الجنائية، التي تأطرت بإقرار أنظمة قضائية دولية تتولى محاکمة المتهمين بارتکاب جرائم مخصوصة قد لا يکون القضاء الوطني قادرًا على البت بها؛ لأسباب مختلفة متنوعة. إن تطور الجريمة وتوسع آفاقها وتنوع أساليبها ومواکبتها لتطور العصر، کان يلزم تطوير الوسائل الأمنية والقضائية وتعزيز قدراتها لتواجه التصعيد الإجرامي، إذ إن غياب هذا التعاون الدولي سيؤدي إلى إفلات المجرمين، وتصاعد وتيرة الجريمة لا سيما باستغلال التباعد الجغرافي، أو استغلال حالات الانفلات الأمني، أو بتباين المواقف الدولية.