القصد الاحتمالي في الفكر القانوني الانجليزي.

يُعد القصد الجنائي من اکثر المفاهيم القانونية إثارة للجدل، وقد بذل الفقهاء والقضاة ومفکرو القانون جهداً في مضنياً لبيان مفهومه، فعرضوا وحللوا وقالوا فيه الکثير، وبقي هذا المفهوم عصياً على البيان والتحديد بحکم ارتباطه بمکنونات النفس البشرية والمسئولية الأخلاقية. لم يخرج النظام الإنکليزي القائم أصلاً على السوابق القضائية عن ضبابية مفهوم القصد الجنائي، بل الأمر أکثر تعقيداً، إذ أن الارتکاز على الأحکام القضائية لبيان فکرة غامضة کفکرة القصد الجنائي وعلى الرغم مما يبذله القضاة في سبيل ذلک لسد الفجوة بين ما يراه الفقهاء وبين التطبيق العملي، فإن التطبيقات قد تختلف من حالة إلى أخرى ومن وقت إلى آخر وحول الواقعة ذاتها أحياناً، وهذا ما جعل الفقه الجنائي يحذر مما وصفه بحالة التشويه القضائي للرکن المعنوي ، وباعتبار أن انجلترا تتزعم الدول التي تتبع النظام القانوني ( الانجلوسکسوني أوالانجلوامريکي )، حتى أنها کانت مصدراً لاسمه ستکون أراء مفکريها هي ما سنتناوله في هذا المقام. تبرز أهميَّة الدراسة في أن الرکن المعنوي وفق ما استقر في الأذهان رکن أساس للجريمة لا قيام لها بدونه، وترتبط المسئولية الجنائية – بشکل عام - بوجود القصد الجنائي بکافة صوره، ومن مقتضيات ذلک أن نزيل أي لبس قد يداخله، ولعل من أهم ما دار البحث بشأنه هو فکرة القصد الاحتمالي، والتي هي موضوع هذه الدراسة .