يمثل الصندوق السيادي المصري إحدى الأدوات الاقتصادية الحديثة التي اعتمدتها الدولة لتعزيز مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية، من خلال توظيف الأصول العامة غير المستغلة، وتنويع مصادر الدخل القومي، ودعم المشروعات القومية الكبرى. وقد جاء تأسيس الصندوق في عام 2018 كمواكبة للتوجه العالمي المتنامي نحو إنشاء صناديق ثروة سيادية تُسهم في استدامة النمو وتحقيق الأهداف الاقتصادية بعيدة المدى. ينطلق هذا البحث من فرضية مركزية مفادها أن الصندوق السيادي المصري، على الرغم من حداثة نشأته، يمتلك مقومات واعدة تُمكّنه من أداء دور محوري في الاقتصاد الوطني، شرط توظيفها بكفاءة ووفق رؤية استراتيجية واضحة. وتنبع أهمية هذا البحث من كونه يقدم تحليلًا مقارنًا بين الصندوق المصري وعدد من النماذج العالمية الرائدة في إدارة صناديق الثروة، مثل الصندوق النرويجي (NBIM)، والسنغافوري Temasek) وGIC)، والإماراتي ADIA) ومبادلة)، والسعودي(PIF) ، ويهدف هذا التحليل إلى استكشاف جوانب القصور والتحديات التي يواجهها الصندوق المصري، واستخلاص الدروس المستفادة من التجارب الدولية الناجحة. يُبرز البحث التحولات التي طرأت على توجهات الاستثمار في الصناديق السيادية عالميًا، لا سيما الانتقال من الاستثمار في "الأصول السوداء" المرتبطة بالوقود الأحفوري إلى "الأصول الخضراء" المتوافقة مع مبادئ الاستدامة والطاقة المتجددة. كما يسلّط الضوء على تطور هيكل المحافظ الاستثمارية في صناديق مثل Temasek و GIC نحو قطاعات التكنولوجيا، والتعليم، والبنية التحتية الرقمية، في مقابل الصعوبات التي يواجهها الصندوق المصري في تنويع استثماراته وتعزيز جاذبيته أمام المستثمرين الأجانب. يُحلّل البحث طبيعة الأصول التي يديرها الصندوق المصري، والتي تتركز غالبًا في أصول مملوكة للدولة غير مستغلة، مثل الأراضي والعقارات والشركات العامة. ويُعد ذلك من حيث المبدأ فرصة لإعادة توظيف هذه الأصول وتحقيق قيمة مضافة، إلا أن ضعف الشفافية وغياب التقييم العادل لتلك الأصول يبقى أحد أبرز التحديات التي تواجه الصندوق. تكشف المقارنة أن الصناديق السيادية الدولية قد نجحت في ابتكار نماذج تمويل متقدمة، وربط استثماراتها بالأهداف العالمية للتنمية المستدامة، إلى جانب اكتسابها نفوذًا سياسيًا واقتصاديًا متزايدًا على الساحة الدولية. في المقابل، لا يزال الصندوق المصري يفتقر إلى هذا النوع من النفوذ أو إلى الخبرات المؤسسية الكافية في إدارة الأصول العابرة للحدود. يتوصل الباحث إلى مجموعة من النتائج الجوهرية، من أبرزها أن أداء الصندوق السيادي المصري لا يزال دون المستوى المستهدف، وأن هناك حاجة ماسّة إلى مراجعة شاملة لاستراتيجياته الاستثمارية، وآليات الحوكمة والرقابة المعتمدة لديه، ومدى توافق أدائه مع مستهدفات خطة التنمية المستدامة "رؤية مصر 2030". وتُظهر نتائج المقارنة أن الصندوق يملك فرصة حقيقية لتطوير أدائه إذا ما تم تبني أفضل الممارسات الدولية، وتوفير بيئة تشريعية واستثمارية أكثر كفاءة وجاذبية. وفي ضوء النتائج المتوصل إليها، يقدم الباحث مجموعة من التوصيات التي تركز على ضرورة تعزيز الشفافية، وإعادة هيكلة مجلس إدارة الصندوق ليضم خبراء مستقلين في مجالات الاقتصاد والاستثمار، وزيادة مخصصات الاستثمار في القطاعات الاجتماعية الحيوية، مثل التعليم والصحة، إلى جانب الاستفادة من الخبرات الدولية في مجالات الحوكمة والإدارة الاستثمارية. ويؤكد الباحث أن تطوير أداء الصندوق السيادي المصري لا يُعد خيارًا اقتصاديًا فحسب، بل يمثل ضرورة وطنية لتحقيق العدالة بين الأجيال، وضمان الاستقرار المالي، وتعزيز استدامة التنمية على المدى الطويل.
الشاعر, كريم السيد السيد جودت. (2025). الصندوق السيادي المصري بين الطموحات التنموية والتجارب الدولية: دراسة تحليلية مقارنة.. مجلة البحوث القانونية والإقتصادية (المنصورة), 15(93.), 1-84. doi: 10.21608/mjle.2025.464337
MLA
كريم السيد السيد جودت الشاعر. "الصندوق السيادي المصري بين الطموحات التنموية والتجارب الدولية: دراسة تحليلية مقارنة.", مجلة البحوث القانونية والإقتصادية (المنصورة), 15, 93., 2025, 1-84. doi: 10.21608/mjle.2025.464337
HARVARD
الشاعر, كريم السيد السيد جودت. (2025). 'الصندوق السيادي المصري بين الطموحات التنموية والتجارب الدولية: دراسة تحليلية مقارنة.', مجلة البحوث القانونية والإقتصادية (المنصورة), 15(93.), pp. 1-84. doi: 10.21608/mjle.2025.464337
VANCOUVER
الشاعر, كريم السيد السيد جودت. الصندوق السيادي المصري بين الطموحات التنموية والتجارب الدولية: دراسة تحليلية مقارنة.. مجلة البحوث القانونية والإقتصادية (المنصورة), 2025; 15(93.): 1-84. doi: 10.21608/mjle.2025.464337