مسئولية الدولة عن القوانين المخالفة للدستور والاتفاقات الدولية " دراسة مقارنه "

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ مساعد بقسم القانون العام کلية الحقوق - جامعة المنصورة

المستخلص

لقد ساد مبدأ عدم مسئولية الدولة عن أعمال سلطاتها (التشريعية والقضائية والتنفيذية) منذ زمن بعيد بسبب سيطرة مبدأ سيادة الدولة الذي يتنافى مع مبدأ المسئولية([1]). حيث عرف بعض الفقه اصطلاح السيادة بأنه عبارة عن مجموعة من الصفات والخصائص التي تتميز بها السلطة السياسية في الدولة([2]). کما ذهب جانب آخر من الفقه إلى القول بأن طبيعة السيادة تلزم الجميع دون أن يکون لأحد المطالبة بالتعويض.
            "Le propre de la souveraineté est de s’imposer à tout, sans qu’on puisse réclamer d’elle aucune compensation"([3]).
        يتضح لنا أن مفهوم سيادة الدولة يعنى أنها غير مسئولة عما يصدر عن سلطاتها العامة من أفعال أو تصرفات تسبب ضررًا للغير، وبالتالي لا يملک أحد اللجوء للقضاء للمطالبة بالتعويض عما حدث له من ضرر نتيجة تصرفات الدولة، حيث کانت تُرفض دعواه علي أساس تمتع الدولة بالسيادة، ومن ثم فهي غير مسئولة عن دفع التعويض، ولا يجوز للقضاء أن ينظر هذه الدعاوى استنادًا لفکرة السيادة بمفهومها المطلق الذي ساد فترة زمنية طويلة.
        هذا المفهوم المطلق للسيادة ظهر نتيجة انتشار نظريات الحق الإلهي للسلطة السياسية، التي تتلخص في أن الله سبحانه هو مصدر السلطة، والحاکم، أو الملک يستمد سلطته من الله، ومن ثم تعلو إرادته علي إرادة المحکومين باعتباره منفذًا للمشيئة الإلهية، وبالتالي فلا يمکن أن ينسب للحاکم أو للملک أو للدولة أي خطأ([4]).
        ولکن لم يعد في الوقت الحالي مجال لنظرية الحق الإلهى المقدس التي يفوض الله - طبقا لها - أحد الأفراد أو بعضهم لحکم بقية المجتمع، والتي کانت تقوم علي مبدأ "الملک لا يخطأ" Le Roi ne peut mal faire. "فقد استيقظت الشعوب من غفلتها وأيقنت أن عصر الأنبياء قد مضى ولن يقوم إلى قيام الساعة، وأن الله قد ترک لهم أمرهم بين أيديهم، ولم يعط أحدًا الوصاية عليهم وجعلهم مستخلفين في الأرض يعمرونها ويقضون فيها آجالهم بالطريقة التي يرتضونها مع تحمل تبعة ما يفعلون. ولم يعد حکم الشعوب حقًا لأحد، وإنما وظيفة يمارسها صاحبها طبقًا لقواعد منظمة محکومة"([5]).